أُخرجت من ليبيا في السبعينيات لتعود في وقتنا هذا، حاملة المزيد من الأطماع في جعبتها
أُخرجت من ليبيا في السبعينيات
أُخرجت من ليبيا في السبعينيات لتعود في وقتنا هذا، حاملة المزيد من الأطماع في جعبتها
بعد أن ضمن وحدة واستقلال ليبيا وجلاء القوات الأجنبية عن أراضيها عند استلامه الحكم، وإغلاقه للقواعد الأمريكية في يونيو 1970، أدخل معمر القذافي ليبيا في سجالات ومعارك طويلة استمرت حتى أسقطته هذه الدولة وحلفائها في 2011 بتدخل عسكري، لتقوم بانتهاز الفرصة من جديد لفرض الوصاية والهيمنة على هذه الدولة الغنية بالنفط.
وكما هي الحال في معظم البلدان في العالم، دومًا ما نجد تيارين سياسيين أحدهما يكون تيارًا حاكمًا والآخر ينتظر دوره للسيطرة على مقاليد الحكم، ودومًا ما نرى بأن أحد هذين التيارين يكون مواليًا بشكل مطلق للولايات المتحدة الأمريكية وينفذ مطالبها ويصون مصالحها، والتيار الآخر يطالب بالسيادة وعدم الخضوع للهيمنة، وبطبيعة الحال يكون مدعومًا من صديق أو حليف مثل الاتحاد السوفيتي سابقًا، والاتحاد الروسي حاليًا.
وفي ليبيا الآن يدور صراع خفي بين معسكرين، أحدهما يحاول الوصول بالبلاد إلى بر الأمان بجانب الإحتفاظ بسيادة البلاد وصون ثرواتها متمثل بمعسكر الشرق الليبي بقيادة البرلمان والجيش الوطني الليبي، وتيار يبيع ما استطاع من الثروات الوطنية في كل حدب وصوب ويعزز من التدخل الخارجي في البلاد ويتكون من مجموعة من النخب السياسية وقادة ميليشيات مسلحة مدعومة من الغرب، سمح لواشنطن بالتغلغل بشكل عميق في العملية السياسية وتسييرها بالشكل الذي تراه مناسبًا.
حيث تمارس واشنطن جهودًا مضنية، لتشكيل جيش ليبي موحد تحت إشرافها، وإضعاف محور الشرق بقيادة المشير خليفة حفتر عسكريًا وسياسيًا، وذلك سعيًا منها لكسب نفوذ عسكري على الأرض، لدعم تدخلها السياسي الفظ في مشروع المبعوث الاممي عبدالله باتيلي لإجراء الانتخابات في البلاد والذي يُقصي بدوره العديد من المرشحين الشعبيين من غير الموالين لها، ويهدد مجلسي النواب والدولة الليبيين بحرمانهما من شرعيتهما وسحب النفوذ منهما سياسيًا.
كما أن الرئيس الامريكي جو بايدن، أطلق خطة عشرية جديدة شملت ليبيا والبلدان الإفريقية، هدفها الاول والرئيس “تحقيق الإستقرار” في هذه البلدان، استقرار “مشبوه” بشروط أمريكية وبرؤيا أمريكية خاصة، لتأمين مصالحها في هذه البلدان من الوقوع بيد الأقطاب العالمية المتعددة الأخرى، بعد ان كانت تؤجج الفوضى فيها كما فعلت في ليبيا على مدار السنوات السابقة.
ويعود السبب في زيادة واشنطن جهودها لتأمين ليبيا ضمن نفوذها، هو التغييرات الجذرية التي يشهدها العالم وبروز عالم متعدد الأقطاب، لا تستطيع فيه الولايات المتحدة فرض نفسها أو الهيمنة على أي دولة ببساطة كما اعتادت على مدار العقدين الماضيين، كما أنها ترى بأن نجاحها بإسقاط نظام القذافي في 2011، يجب أن يتوّج بتنصيب سلطة موالية لها في سدة الحكم وضمان ليبيا ومواردها النفطية والغازية في صفّها.
بينما روسيا من جهتها تدعم البرلمان الليبي الشرعي في مسيرته لعقد انتخابات شاملة تعطي الحق للمواطن الليبي بتقرير مصيره بنفسه، الأمر الذي ترجمه لقاء عبد الهادي الصغير، النائب الثاني لرئيس مجلس النواب برئيس لجنة العلاقات الدولية في البرلمان الروسي ليونيد سلوتسكي مؤخرًا، والذي أكد فيه البرلماني الروسي، دعم موسكو برلمانًا وحكومة لمجلس النواب الليبي مع الترحيب بالتقدم المحرز من قبله بما يتعلق بالتعديل الدستوري.
وما يُثير المخاوف في ليبيا، من الخطط الأمريكية والتحركات السياسية التي تقوم بها في الآونة الأخيرة، هو إذعان المشير حفتر بشكل أو بآخر للمطالب والضغوط الأمريكية، وذلك بعد انتشار أنباء حول نيته التخلي عن خدمات قوات مجموعة فاغنر الروسية، مقابل تحقيق عدة مطالب وضمانات له، لم يتم الإطّلاع عليها بعد.
وتعد مجموعة فاغنر إحدى أهم “عوامل” القوة التي يتمتع بها الجيش الوطني الليبي في تحقيق توازن مع معسكر الغرب الليبي، المدعوم بشكل مباشر من قبل القوات التركية، والآن يحظى بدعم أمريكي متنامي، كما أن مجموعة فاغنر ضمنت للمشير نفوذًا يستطيع من خلاله إعلاء صوت الحق في وجه الساسة الذين باعوا ومستمرين في بيع البلاد وخيراتها مقابل مصالح ومنافع شخصية، وذلك من خلال حرص المجموعة الروسية على تأمين أغلب المواقع النفطية الليبية من التخريب والاستيلاء، ووضعتها تحت تصرف المشير على مدار السنوات السابقة.