الولايات المتحدة عادت الى الساحة الليبية بقوة وتفرض على الليبيين مبادرة باتيلي
الولايات المتحدة عادت الى الساحة الليبية
الولايات المتحدة عادت الى الساحة الليبية بقوة وتفرض على الليبيين مبادرة باتيلي
الولايات المتحدة الأمريكية، أرض الحرية ووطن رعاة البقر الشجعان، ولها تاريخ طويل من التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، وهي المتسبب الرئيسي في حروب تغيير الأنظمة في العالم. لتتعدد وسائل التدخل الأمريكي بين العمليات السرية والعسكرية، إلى النفاق السياسي عبر الأمم المتحدة، تسببت في إحداث دمار في حياة الملايين من الناس.
فمن أفغانستان الى العراق وليبيا وسوريا وغيرها من بقاع العالم، لا تزال البصمة الأمريكية تنخر في صميم مستقبل هذه الدول، وتفكك شعوبها وتمزق كياناتها السياسية لتنهب خيراتها.
وفي ليبيا التي لا زالت تعاني من آثار إسقاط نظام القذافي منذ العام 2011، على يد ثورة ركبتها أمريكا لتحقق أغراضها، تقوم واشنطن بتنفيذ أجنداتها المدمرة وتمارس ساديتها على الأطراف السياسية الليبية والشعب الليبي.
فإن زيارات المبعوث الأمريكي الخاص إلى ليبيا “ريتشارد نورلاند” وإجتماعاته مع الفرقاء السياسيين في البلاد في الفترة الأخيرة للضغط على تمرير مبادرة المبعوث الأممي الى ليبيا عبدالله باتيلي التي تفتقر للآليات والأطر لتنفيذها، إذ دليل واضح على إستعادة الإدارة الأمريكية لنشاطها الكبير في الملف الليبي بعد فترة من الجمود إبان حكم الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترمب.
وقد إجتمع “نورلاند” بالأمس مع رئيس المجلس الرئاسي، محمد المنفي، بعد إجتماعه مع رئيس حكومة الوحدة الوطنية المنتهية الولاية عبد الحميد الدبيبة، والذي سبقه إجتماع مع رئيس مجلس النواب “عقيلة صالح”، وغيرهم من الأطراف لحثهم على التعاطي بإيجابية مع المقترح الأممي الجديد لإجراء الانتخابات في 2023، الذي أطلقه باتيلي في 27 فبراير/ شباط الماضي، إضافة الى أمور أخرى تتعلق بالشأن الداخلي الليبي.
وبنظر بعض المراقبين، فإن نشاط “نورلاند” يضاهي نشاط جميع المسؤولين الليبيين لتتكون صورة على أنه المسير الرئيسي للأحداث في ليبيا اليوم. ومباركته لمبادرة “باتيلي” دون التطرق لمشكلة الإنقسام المؤسساتي وظاهرة إنتشار الميليشيات المسلحة أو وجود حكومتين في البلاد تدل على أن حل الأزمة السياسية والعبور بالبلاد نحو إجراء الإنتخابات، إنما أمر مستبعد، أو طريقة لإيصال شخصية عميلة موالية للولايات المتحدة لتستكمل تنفيذ خطط الأخيرة دون الرجوع الى حقوق ومطالب الشعب الليبي.
مع العلم أن هذه المبادرة رآها العديد من الليبيين على أنها محاولة جديدة لعرقلة المسار السياسي وإدامة الفوضى السياسية والأمنية والإقتصادية في واحدة من أغنى دول العالم من ناحية إحتياطيي الغاز والنفط.
وواشنطن لطالما إستخدمت سلاحها المعروف المتمثل ببعثة الأمم المتحدة للدعم لتحقيق أغراضها في ليبيا. وآخرها كان في ملتقى الحوار الوطني السابق برعاية بعثة الأمم المتحدة الى ليبيا برئاسة الأمريكية ستيفاني ويليامز، والذي حصلت فيه تجاوزات تضمنت تهديدات لعدد من المشاركين وشراء ذمم آخرين، أوصلت البلاد الى ما هي عليه اليوم، بعد أن كانت هناك آمال بتحقيق التوافق وإجراء إنتخابات.
يُشار الى أن الولايات المتحدة لطالما قوضت القواعد الدولية، وأجبرت الآخرين على الانحياز وانتقمت من أولئك الذين رفضوا الامتثال لها، وامتدت العواقب إلى ما هو أبعد من الخسائر البشرية والانهيارات الاقتصادية والاضطرابات الاجتماعية للدول المستهدفة، لتصل إلى تحطيم الاستقرار الإقليمي والعالمي، وهو ما يحصل في العالم وليبيا اليوم بشكل خاص.